( ما الحياةٌ بغير جديدٍ يدهشك ) هكذا قال زياد أبن أبي عامر أحد شخصيات مسلسل ( ربيع قرطبة ) .
مأساتنا أننا عرفنا في زماننا الاعاجيب و صار من الصعب أن نجد ذاك الجديد الذي يمنحنا الدهشة، و أذا شئتم الحقيقة فالمنح و العطايا صارت بحد ذاتها مثيرة للدهشة . ولكن ..
قبل عدة أيام ، صادفت تغريدةً للفنانة السورية لورا أبي أسعد تشرح فيها طريقة تسجيل الكتاب الصوتي و من خلالها تعرّفت على مبادرة فاتن ، أنسانة رائعة ومثقفة أستلهمت من ميزة الكفاف البصري الذي رافقها منذ ولادتها فكرة أنشاء قناة (صوت الكتاب) لتكون مكتبة مجانية للقراء ممن هم بحاجة لها .
و من أوائل الكتب التي تضمنتها القناة كانت نوفيلا كتبها الفنان بسّام كوسا تحمل عنوان ( أكثر بكثير) بصوت @rose91el .
في هذه الرواية القصيرة نرافق (مبروك) ، وهو رجلٌ يعيش وحيداً و يستأنس وحدته كـ ذئب البراري ، يستعرض شريط حياته ما بين حاضره والذكريات ، مشيراً الى شخصيات متنوعة تركوا أثراً في نفسه و حياته كما انهم يمثلون عينة من نسيج مجتمعٍ يصارع صعاب الظروف .
ما بين أستاذ جامعي حاصروه بضيق الأفق فكتب نظريةً في علم الاجتماع عن دور الفراغ في تاريخ البشرية .
و عتّال نزح مع عائلته الكبيرة يرافقهم الفقر وسوء الطالع .
ونسّاج أحكم نسيجه و أفكاره غير أن نسيج الزمان (سَلت) و ضاع عليه الخيط .
وعامل فرنٍ يغير جلده ويمتهن بيع العقارات و بيع الشعارات.
( ملح ) الفتى المجنون الذي تجاوز خطوط التماس بين الأديان (المتعايشة) في مجتمعاتنا (التعددية) .
و أشباح نساء ظهرن في حياة مبروك كالفرص الضائعة .
يمكن تصنيف الرواية ضمن الأدب الوجودي في سردها للوقائع و أحتكامها الى طرح مشاكله وعقده في سياقٍ يبدو عبثياً وهو ينزلق بين أفكار (مبروك) بطل الرواية الذي يستمر في محاولة تحقيق حلم الكتابة و أستهلّه بـ ( مئة عزلة في العام .. و أكثر بكثير ) .
تتكون الرواية من 140 صفحة مقسمة الى 29 فصلاً . وهي من منشورات دار نينوى .
و بالعودة الى المقدمة التي كتبتها ، فقد مثّلت لي مطالعة هذا الكتاب تجربةً جديدة و مدهشة ، لأنها أول مطالعةٌ صوتية .