‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص قصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص قصيرة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 4 سبتمبر 2014

رسالة من السماء

مرحبا ..صديقتي ..
هل تسمعين صوتي .. ؟
هل تذكريني ..؟
التقينا ذات يوم على صفحات موقع للتواصل الاجتماعي .. تبادلنا اطراف الحديث حول لوحة قديمة .. لفتاة تقرأ رسالة بأهتمام ..
يمكنني الان ان اتخيلك في صورة تلك الفتاة .. تقرأين رسالتي .. تتسآءلين عن حكاياتي ..
كنت فتاة عادية .. لأمنياتها البسيطة الواناً زاهيةً  .. ولحياتها طعم الامان .. ،حتى اقتحمت عصابة الظلام مدينتي ..  واطلقوا العنان لاجرامهم الجامح ..
دنسوا بأقدامهم حرمة بيوتنا .. شردوا اهالينا .. واختطفونا من بين احضانهم .. ، اقتادونا كالاسرى .. كنا 4000 أمرأة !!! (ما بين فتيات صغار بعمر 9 اعوام ومابين نساء كبيرات )
صنفونا وفقاً لما تمليه عليهم غرائزهم ..
_هذه  تصلح للخدمة في المطبخ .. وهذه يمكنها ان تكون جارية مناسبةً لاميرنا (.....) ، اما تلك الشقراء فيمكننا ان نرسلها الى الخليج .. احسب انها هدية مناسبة لشيوخنا ..
_هذه تصلح لاخواننا المجاهدين .. تلك دعّها غنيمة لحلفائنا من العشائر .. هذه اعجبتني هبها لي سيدي ..
كنا نسمع نعيقهم غير مدركاتٍ لفداحة ما كان ينتظرنا .. من العذاب والظلم .. كنا ننظر الى سحناتهم الجلفاء .. دون ان ندرك اي وحشية تختبيء خلف لحاياهم المشعثة ..
تعليق الفتيات عاريات وضربهن .. امام الاخريات .. ، اجبارهن على ابتلاع حبوب الهلوسة .. ، اغتصابهن مراراً ..
لماذا..؟
لان لهن معتقد آخر .. لانتمائهن لدين آخر ..  ويرفضن التخلي عنه ..
حسناً وماذا عن من رضخن .. ، ارسلوا الفاً منهن على الاقل الى  السعودية ، باكستان ، و دولاً اخرى ربما ..
ارسلوا اخرياتٍ كــ(هدايا) الى امراء وشيوخ العشائر التي تعاونت معهم
صديقتي ..
كنت اتمنى ان اجد وسيلة لاكتب لك فيها رسالتي.. لكنني لم افلح .. ،فلا سبيل للهرب و ليس بين يدي سوى خرقة القماش هذه التي اجبروني ان اغطي رأسي بها .. رأسي الذي يحمل فكرة مجنونة تضمن لي ان أتحرر من هذا السبي وهذا العار ..وهذا الالم ..
سأخنق نفسي بها ..
أرحل عن عالمكم ..
وداعاً ..
فلا تنسيني .. ،صديقتي ..
كنت انسانة ..
ارادت ان تحيا .. في وطنها ..
بكرامة وامان ..
كنت فتاة عادية ..
ذات امنيات بسيطة..
دمروا حياتها ..
شردوا اهلها ..
سحقوها ..




الثلاثاء، 19 مايو 2009

النافذة (قصة قصيرة)



احتضنته بقوة ، انامله متعلقة بسبابتها ، فمها كجبنذة انحنت من غصنها على جبينه وهي تهم بنثر عبيرها ، وفيما تنغرس قدماه في حضنها المتشنج ،غادرها الالم ، بعد ان شقّ خطوط لوحته عميقاً بشظايا الزجاج ولونها بألوان الدخان والدماء.
يوم شيّدوا هذه الغرفة اصرّت على ان تزينها نافذة كبيرة تطل منها الشمس عند شروقها، ورغم ان زوجها عارض الفكرة_لأن منزلهم يطلّ على الشارع الرئيسي _ الا ان اعتراضه قد اضاف للنافذة امتيازاً اخراً ، اذ ستطلّ منها على الطيق تتنطر عودته بعد ساعات عمله الطويل .
هذه الغرفة كانت عالماً يخصها ..ويخصّها..ويخصّها.

فالجدران تتألق بألوان الطفولة ، والارضية مزروعة بالالعاب، والاجواء تمتلأ بأنفاسها وانفاس وليدها الصغير ورائحة الحليب، والنافذة ، كانت تناغي بأنكسارات الضوء خلالها ضحكات الصغير ، ومع( دلّول ..يا الولد ياأبني دلّول..عدوك عليل ..وساكن الجول ) كان يغفو بسكون وآمان .
وفي احد الايام، حلّ الفجر ومزقّ استار الظلام، لكن الحلم كان قد نام ، نام والى الابد، بعد ان هشّم الانفجار قلب النافذة وزرعه ندىً حارقاً على ذراعي الام ..وجبينها.. وارجل الصغير الناعمة.. وكفه ذي الانامل المتعلقة بسبابتها.

الأربعاء، 13 مايو 2009

ذاكرة تحت الطلب

لوحة للرسام العراقي علي آل تاجر

لمحها من بين آلاف المحتشدين الذين يحيونه ،غير انها كانت تحييه بقوة اكثر وهيي تلوح بكفها عالياً وتقبض بالكف الاخرى على اطراف عباءتها ، وكأنها تودّ ان تلقيها _كما اعتادت_في الماضي ان تفعل كلما استقبلته عائداً بأجازة من جبهة القتال، بلى انها هي بلا شك(وكيف له ان يخطأها..؟!)
تلك العينان التي عشق انعكاس صورته فيهما ، وذاك الوجه الذي طالما شمّ وجناته وقبّلها، آهٍ لو انه يوقف موكبه الفخم هذا ، ويترجل عن سيارته الفاخرة هذه، ويندس بين الجموع ويصحبها ويمضي ، ليعودمعها ولداً ، ولداً يلهو في احضانها يتسلى بحلّ جدائلها ، ويبحث في عتمة شعرها عن نجمةٍ قد تتألق في ليل عينيها الحزين، آه..لو انه ...، ولكن لا..لا ، ان الموقف الان يملي عليه ان يكون اكثر جديةً في التعامل مع مشاعره واهله فهو الان لم يعد كما كان..زمان .
فلقد أصبح مسؤولاً ، مسؤولاً عن حياة الناس الاخرين وهو هنا ليهتم بشؤون اولئك الاخرين وحقوقهم، لذا فهو يفضل ان يخذل كفها التي تلوح له على ان يخذل كفوف الاخرين التي دعمته ليصل الى ماوصل أليه .
لقد صار يقيس الامور بموازين مختلفة منذ ان عاد من غربته التي علمته ان يبيع كـــــــــــلّ شئ وايّ شــئ على ان لايعود اليها مجددا.
لذا فلا تبتأسي ايتها الحبيبة الغالية ، فهو على الاقل لم ينساك في الماضي ولن ينساك ،غير انه يمر في ظرف صعب الان، لذا قدّري وضعه واعذريه، فلقد كان منذ عام ٍ واحدٍ مطارداً من الحكومة مشرداً  العام ، تأبى ان تأويه حتى الطرقات المتخومة باللصوص(أذ كان يُحسب من المعارضة) وهاهو الان كما تبصرين احد رجالات الدولة الجديدة الذين يتمتعون بسجلٍ
يدعو للفخر بما يحفل به من المغامرات ويلقي على كاهله مسؤوليةٍ مضاعفةٍ ، ومع هذا فهو لن ينساك..
وكيف له ان ينساك وقد كنت حلمه في الليالي المقمرات ، كنت الحمى التي تسكن عظامه وهو يصافح ذوي الدماء الباردة ، كنت هذيانه في الحانات ، هذيانه الذي لم يفهمه حتى ندمائه من متعددي الجنسيات ، دون شك هولم ينساك...الاّ أنه.. ربما..
ربما، يمكنه ان ينساك عندما تطأ قدمه على عتبة مكتبهِ الذي يعجّ بكل مظاهر الثراء والجمال،اقول ربما ..
ربما سينساك عندما ترتطم نظراته الجريئة المدهوشة
بعيون السكرتيرة خلف زجاج العدسات  .
وربما سينسى عتمة ليلك المضفور بينما تمتد يده لتسبح في امواج شعر أحدى رفيقاته المخصّل بألوان زاهية .
وربما لحظتهاسينساكِ ..،
لكنه سيعود ليتذكرك، وهو يجيب الصحفية _المغرورة بجسدها الذي يشبه ابريق شاي انيق_وهي تسأله عنكوسيتحفها بجواب صاغه بأرق العبارات :_
انا ابداً لن انساها فهي العزيزة وهي الرفيقة لدرب النضال المرير وهي امٌ وملجأ لولدي الوحيد الصغير.
لولا اني منصرف الان عن همي ّالشخصي وهم عائلتي بهموم وطني وشعبي الحبيب..،
ثم يسترسل بوعوده لكِ أيتها الصابرة_بنظرة عينيه الحادة_انه سيتذكرك وسيسأل عنك ، بل و سيجعل من ملامح وجهك الشرقية ونظراتك الحزينة واثر العمر الكادح على جسدك صورةً لحملته الدعائية وهو يستجدي مستقبلاً اصوات الناخبين .

(اب 2004)