يوم أمس كان موعد مقابلة الفنان كاظم الساهر المباشرة على اليوتيوب .
للأسف لم أتمكن من مشاهدتها لأني لا أملك خدمة youtube
premium
. و لكن تمكنت من مشاهدة مقاطع منها ، كانت المقاطع لطيفة و مؤثرة عن كواليس أنتاج
ألبوم ( مع الحب) .
هذا الالبوم الذي تعرّفنا عليه واستمعنا الى أغانيه في يوم 14 شباط 2024 ( عيد
الحب ).
يضم الألبوم 13 قصيدة فصحى . تتمكن فخامة الالحان و الموسيقى من نقل
المستمع الى عالمٍ آخر ،عالم موازي . لولا حزنٌ يثقله .
الحزنُ غالبٌ على أجواء الألبوم (ربما لأن العمل به بدأ في ظل فترة كورونا ) الاّ أن الحب يطلّ مبتسماً بين السطور .
و في محاولةً مني لأختيار أغنيتي المفضلة من الألبوم وجدت نفسي محتارةٌ بين
هذه الروائع ( يا وفيّة ، بيانو ، أعود ، الليل ، تاريخ ميلادي ، لا ترحلوا ) .
* ( لا تظلميه ) مؤثرة لدرجة القشعريرة ، ليس من السهل الاستماع لها ، كأنها
مسكونة بروح شاعرها الراحل كريم العراقي .
** الأصوات الشعرية و الغنائية النسائية التي شاركت في الألبوم كانت أضافة
راقية زادت من ألقه خاصةً في أغنية الليل .
المرة الأولى التي قرأت بها أسم بوكلثوم كانت في منشور لـ فيديو الفنان السوري فادي جهجاه (لروحه الرحمة ) وهو يغني له .
كانت الاغنية مميزة وبها شيء من الغرابة ، روحية درويش بأسلوب موسيقي مختلف ، اكتشفت فيما بعد انه من سمات ما يقدمه الرابر السوري بوكلثوم .
بالعودة للاغنية وهي (ترحال) ، كانت الأولى بتاريخ الاستماع ولكن يصعب الجزم اذ كانت الأولى في قائمة الأكثر استماعاً ، فبالاضافة الى لـ (زملوا) التي شاركتها سابقاً على الفيس بوك ، تنافسها أيضاً (جوّانا) و (قصة قبل النوم ) أما (ولّع) ، ( دلّوني) و (ما بعرف) بشكل اقل قليلاً .
رغم ان المفترض أن أغنية (ترحال) عن وجع شخص مغترب لكنها تمثل مشاعري ربما لأني أعيش في وطني نوع من الغربة أو لأني أرى الغربة (المكانية) قارب نجاة بائس ينقذنا من وطنٍ سـ (يقبرنا) بدمٍ بارد كما (قَبر) أحلامنا وطموحاتنا.
يقول مستهل الاغنية (قبل رمي الملامه إيدك عجروحي .. و عديلي كم اللوم بين بضلوعي ) كم أرغب بتطريز هذه الكلمات على صدر فستاني ذات يوم لعلّي أنا نفسي اتوقف عن لوم نفسي .
(علقت يا يامو بين تنين يا بنفيني .. يا بنكر ليش أو من وين إجا سكيني ) كلما مرّت بسمعي هذه الكلمات اتوقف عندها وأقول (الله) لأنها تصف بدقةٍ موقفنا ، بين ان نطالب بحقوقنا فيسموننا أهل (ذاك الصوب) بـ (أبناء المتعة) وبين أن نطالب بوطننا فيسموننا أهل (هذا الصوب) بـ أبناء زنا ، بين أولئك الذين هددوا حيواتنا بالمفخخات وبين هؤلاء الذين يهددون حيواتنا بالاغتيالات و الكواتم .
(قبل ما سامح أي إنسان جرّح طيني .. بسامحني..) ما من كلام يمكنه التعبير عن ما أمرّ به بالفترة الأخيرة من خذلان بعض الصديقات والأصدقاء بقدر ما تختزله هذه الجملة الغنائية .
( قبل رمي الملامه عيونك بعيوني
و صبيلي من كاس الرضى بين كفوفي
الجنّه يا يامو استسلامي لمحبوبي
بيتي، بيتي ببطن جفوني
آخر مطاف حنون الكل حيواسينا
آخر وطن تحت تراب حيدارينا )
تزداد جمالية وبلاغة الاغنية في هذا المقطع ، الشفافية والاحساس العالي هنا مؤلم خاصةً حينما جاء بصيغة الشكوى للـ ( الام ) .. باركي يا (يامو) بـ رضاكِ رزقي وما تحويه كفي باركي امنياتي وموطن احلامي الذي أخبأه تحت جفني .. ففي آخر المطاف أيتها الحنونة سيتظاهر الجميع أنهم يواسوننا حتى من يخفون الشماتة بين أسنانهم وهم يتحدثون ألينا ، أما عن حقيقة الاوطان فجميعنا ننتمي لوطنٍ واحد هو هذا التراب الذي سـ يداري أجسادنا جميعاً ومهما أختلف الاسم الذي يطلقونه على المدن فوقه فهو وطنٌ احد أسمه الأرض .
ختاماً أرجو أن تجدوا المواساة والمتعة في قراءتكم لهذه الاسطر و ان تتعرفوا على السلام الذي أجده بالاستماع لهذه الأغنية .
أشكركم وأتمنى ان تكونوا بخير
******** الريفيو أهداء لأرواح من غادرونا بين الامس واليوم ( الرّسام العراقي أسامة أبراهيم الحمداني )
أتذكر بوضوح أول مرة سمعتها ، أتذكر أنني أعدت الاستماع لها دون توقف حتى
تسلل الوسن الى عينيي الدامعة .. مستدعيةً بعض الصور من الذاكرة التي
لمستها الكلمات فتوهجت . معظم القصائد التي نحفظها ونرددها عن الأم
تأتي بصيغة النداء ، تتضاءل فيها صورة المنادِي وتتضخم صورة المنادَى في
خطاب فخم ومعانٍ تصاعدية ترسم صوراً أسطورية عن الأم الرمز (وهي غالباً
تستحق ذلك) لكننا هنا .. في هذه القصيدة نسمع شيئاً مختلف ، انها خيوط قصة مكثفة التفاصيل .. أسمعوها معي ، أغمضوا عيونكم وتصوروا .. وقفتها على عتبة الدار تودع صغيرها وهو يلحق بركب الحياة ، باكراً يلحق بركب الشقاء . بقامتها الضئيلة ، ضفيرتها القليلة وراحتيها المسكونة بالحنان والدعاء . تقف متجلدةً بالصبر ، يحفرُ ظلها أثراً على الحائط لطول الانتظار . " انها رؤية انسانية وصور شعرية لا تُرهق مخيلة المتلقي" كما وصفها الشاعر جهاد هديب . وبالتوغل في معرفة حياة كاتبها الشاعر والإعلامي #زاهي_وهبي
، الذي امضى سني طفولته الاولى في غرفة ترابية تبني العصافير (السنونو)
فيها أعشاشها ويتفجر داخلها ( ينبوع ) ماء صغير مع بداية كل ربيع ..
ونشأ في بيئة ريفية ساحرة ، منتمياً للبيئة الشعبية بموروثاتها
وميثولوجياتها ومفرداتها ، فألف منها عالمه الشعري الخصب متجلياً بأروع
المعاني فهو يعتبر نفسه شاعر الحب يكتب للمرأة الإنسانة لا الأنثى فحسب .
اما عن ظروف كتابة القصيدة ، فقد كان الشاعر الجنوبي على خطى أستاذه
الفلسطيني في التصدي لتجربة الاعتقال عبر الكتابة لمن يحب وعن ما يحب . كتب درويش لأمه عن خبزها وقهوتها ، وكتب وهبي عن أمه التي ملأت السفح بنذورها ورقياتها .
يقول وهبي في احد مقابلاته " لم تستطع زيارتي طوال سنة كاملة في المعتقل.
فشاركت في تظاهرة نسائية على أسوار معتقل أنصار. ومن المفارقات الغريبة في
حياتي إنني وعند لحظة خروجي من المعتقل وأثناء وجودي داخل السيارة العسكرية
التي كانت تقلنا الى مدرسة الشجرة في صور وهي مقر الحاكم العسكري
الإسرائيلي ، شاهدت أمي بالصدفة تمشي نحو هذا المركز، وعندها لوّحت لها
بيدي فصارت تركض وراء السيارة العسكرية الى ان وصلت الى المقر. ولا انسى
هذا المشهد لأنه من اكثر المشاهد التي أثرت فيّ ." بالعودة الى القصيدة
المغناة التي ابدع الفنان اللبناني أحمد قعبور بتلحينها وأداءها .احسبها
من الأغاني التي ترفع حسّ المتلقي الى مراتب الخشوع .