الثلاثاء، 19 مايو 2009

النافذة (قصة قصيرة)



احتضنته بقوة ، انامله متعلقة بسبابتها ، فمها كجبنذة انحنت من غصنها على جبينه وهي تهم بنثر عبيرها ، وفيما تنغرس قدماه في حضنها المتشنج ،غادرها الالم ، بعد ان شقّ خطوط لوحته عميقاً بشظايا الزجاج ولونها بألوان الدخان والدماء.
يوم شيّدوا هذه الغرفة اصرّت على ان تزينها نافذة كبيرة تطل منها الشمس عند شروقها، ورغم ان زوجها عارض الفكرة_لأن منزلهم يطلّ على الشارع الرئيسي _ الا ان اعتراضه قد اضاف للنافذة امتيازاً اخراً ، اذ ستطلّ منها على الطيق تتنطر عودته بعد ساعات عمله الطويل .
هذه الغرفة كانت عالماً يخصها ..ويخصّها..ويخصّها.

فالجدران تتألق بألوان الطفولة ، والارضية مزروعة بالالعاب، والاجواء تمتلأ بأنفاسها وانفاس وليدها الصغير ورائحة الحليب، والنافذة ، كانت تناغي بأنكسارات الضوء خلالها ضحكات الصغير ، ومع( دلّول ..يا الولد ياأبني دلّول..عدوك عليل ..وساكن الجول ) كان يغفو بسكون وآمان .
وفي احد الايام، حلّ الفجر ومزقّ استار الظلام، لكن الحلم كان قد نام ، نام والى الابد، بعد ان هشّم الانفجار قلب النافذة وزرعه ندىً حارقاً على ذراعي الام ..وجبينها.. وارجل الصغير الناعمة.. وكفه ذي الانامل المتعلقة بسبابتها.