الاثنين، 1 أبريل 2024

جولة في عالم ( تاج ) السوري

 تميز مسلسل تاج عن غيره من اعمال هذا الموسم الرمضاني بأنه من النوع المفضل عندي للمتابعة أو كما يصفه الإنكليز It's my cup of tea .

لاحظت أن المسلسل نال اعتراضات تتلخص بالنقمة من تصدي فايا يونان للبطولة النسائية رغم انها تجربتها الأولى بالتمثيل ، النقمة من ظهور تيم حسن لتكرار دور البطل الشعبي الثوري و أخيراً النقمة من تقديم عمل عن فترة الانتداب الفرنسي .

بالنسبة لي ، سبق أن شاهدت عارضات أزياء و مغنيات  قدمن تجارب مشابهة لتجربة فايا وأعجبني أداءهن فـ لِمَ لا أشاهد ثم أحكم !

و منذ الحلقة الأولى من المسلسل لم أرى أوجه تشابه بين تاج و عاصي الزند .

أما الاعتراض الأخير فمن يطلقه ربما لم يشاهد ما شاهدته من عدد الاعمال الدرامية البريطانية عن الحرب العالمية الثانية و بالطبع جزء من البطولات التي يقدموها ليست حقيقية أو ليست كما يروونها هذا لم يمنعنا من المشاهدة!

بالنسبة لي ، مسلسل تاج لم يكن من بطولة بسام كوسا أو تيم حسن ولا فايا يونان .فأبطاله هم سوريا والتاريخ و الفن .


 



سوريا بتحضرها العمراني و تنوعها الأجتماعي ، بشخصياتها و جغرافيتها ، بمدنها التي تبرز على صورة رجال أباة و بهائها المتجسد بقامات نساء شامخات .

أما التاريخ ، فهي رحلة عبر الزمن الى عصرٍ مواكب للحرب العالمية الثانية و كل التناقض الذي رافق فرنسا وقتها كبلد الأحتلال والمحتل .

صراع الجهات التابعة للنازية و الجهات التابعة للتحالف . صراع الفكر الامبريالي للقوى العظمى والفكر اليساري المنادي بقيم الحريات و القانون  .

ينقلنا المشهد بجولة سينوغرافية بين حضور ندوة شعرية لعمر أبو ريشة ، مجلس سياسي في مكتب شكري القوتلي ، سهرة في أقبية الصحافة مع انامل (ميكي) وهو يتقصّى الحقائق عازفاً على مفاتيح الطابعة ، مشوار الى سينما الشهبندر لمشاهدة أفلام عبد الوهاب أو الاستئناس بأحاديث صاحبها نزيه أحد رواد الفن السابع في العالم العربي ، تصفّح صور من ذاكرة صبحي الشاب المهجّر من لواء إسكندرون أو تأمل أناقة أزياء ذاك الزمان ما بين معمل الجوهر حيث يتم خياطتها و ما بين ستوديو يعقوب حيث تُلتقط صورهم  . و بين هذا وذاك جولة بـ الترام عبر ساحة المرجة . عندها تحديداً تدرك أن تتر المسلسل مستوحى من الاغنية التراثية ( زينوا المرجة .. و المرجة لينا ) .

تأخذنا الخطوات الى ذاك العمود الذي يتوسطها لنقرأ ما كُتب على قاعدتها المعدنية ( شوكتلو هيبتلو .. السلطان أبن السلطان ) .

لا يتوقف الأبداع في هذا العمل بل يستمر بوتيرة هادئة لينفض غبار الرجعية ماسحاً لفظة (حريمات) راسماً شخصيات نسائية متنوعة ما بين الساحرة الإنكليزية جيني الى الطبيبة الفرنسية  ماريون مروراً بالسوريات فائزة ، عفاف ، حنان ، نوران  و أم لويس .

لم أكتب خاتمةً لهذه المراجعة لأنني أتطلع نحو الأبداع الذي ينتظرنا لنشاهده في الحلقات القادمة .

أذن للحديث بقية ..