كنت أنظف (الهول) وأشاهد فيلم وثائقي للجزيرة عن الحرب اللبنانية يقدمه
تلفزيون الشباب حينما تم قطع البرامج لنقل الاخبار العاجلة عن تفجير برجي التجارة
العالمي .
كل ما شعرت به كان (هول) المشهد الذي لم أستسهل أدراكه وتفكيكه، ما الذي
يحدث ؟!
بعد عدة أيام ، دار حديثٌ بيني وبين صديقة لي كانت متحمسة وتتحدث عن نشوة
الفرح برؤية المشهد ، رددت كثيراً أنها (الكارما ) وأن أولئك (المجاهدين) هم أدوات
الله لتحقيق العدالة ! الحماس الذي غلّف حديثها منعني عن الإفصاح عن ما أفكر به .
أردت أخبارها أنني فكرت بالناس في ذلك المكان ، كيف كانت أحاسيسهم بين
محاولة تجاوز الصدمة و محاولة النجاة .
أردت أخبارها أنني أفكر بأن أستهداف مواطنين آمنين في مواقع عملهم يبدو لي
خطأ (نوعاً ما) .
أردت أخبارها أننا لا نعرف على وجه الدقة تاريخ الضحايا والمستهدفين ولا
يمكنني أيجاد سبب مقنع لأستهدفهم أو الشماتة بموتهم !
أردت أخبارها أنني سمعت الكثير عن تاريخ من تتحمس فرحاً لنجاح عمليتهم و لا
أرغب لأي سببٍ أن أجتمع معهم في جانب واحد .
أردتُ أخبارها الكثير لكنني أحجمت ..
خفت أن تعتقد صديقتي أنني لست مؤمنة أو وطنية أو ( أنسانية !) بما فيه
الكفاية !
تعصبها أرعبني ..
بعد فترة علمت أن أباها قد بدأ بالعمل مع عدي وأن تعصبها كان جزءاً من خطاب
(القيادة الحكيمة) .
وكلما مرّت هذه الذكرى أتذكر كل المناسبات التي أضطر فيها لعدم كتابة
أفكاري ومشاعري بسبب الخوف من الرأي العام وتعقيدات تفسيراته .
وكلما مرت هذه الذكرى أفكر بكل من عانى من موقفاً مماثلاً لـهجمات 11 أيلول
.
السلام لأرواح كل الضحايا في العالم مهما كان دينهم ، عرقهم ، جنسهم ،
معتقداتهم ، الكوارث التي أدت لوفاتهم .